فصل: الشاهد السادس والتسعون بعد الثلاثمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.وفاة رضوان بن تتش صاحب حلب وولاية ابنه البارسلان.

ثم توفي رضوان بن تتش صاحب حلب سنة تسع وخمسمائة وقد كان قتل أخويه أبا طالب وبهرام وكان يستعين بالباطنية في أموره ويداخلهم ولما توفي بايع مولاه لؤلؤ الخادم لابنه البارسلان صبيا مغتلما وكانت في لسانه حبسة فكان يلقب الاخرس وكان لؤلؤ مستبدا عليه لاول ملكه قتل أخويه وكل ملك شاه منهما شقيقه وكانت الباطنية كثيرا في حلب في أيام رضوان حتى خافهم ابن بديع وأعيانها فلما توفي أذن لهم البارسلان في الايقاع بهم فقبضوا على مقدمهم ابن طاهر الصابغ وجماعة من أصحابهم فقتلوهم وافترق الباقون.

.مهلك لؤلؤ الخادم واستيلاء أبي الغازي ثم مقتل البارسلان وولاية أخيه السلطان شاه.

كان لؤلؤ الخادم قد استولى على قلعة حلب وولى أتابكية البارسلان ابن مولاه رضوان ثم تنكر له فقتله لؤلؤ ونصب في الملك أخاه سلطان شاه واستبد عليه فلما كان سنة إحدى عشرة سار إلى قلعة جعفر للاجتماع بصاحبها سالم بن مالك فغدر به مماليكه الاتراك وقتلوه عند خربترت وأخذوا خزائنه واعترضهم أهل حلب فاستعادوا منهم ما أخذوه وولى أتابكية سلطان شاه بن رضوان شمس الخواص بارقياس وعزل لشهر وولى بعده أبو المعالى بن الملحي الدمشقي ثم عزل وصودر واضطربت الدولة وخاف أهل حلب من الافرنج فاستدعوا أبا الغازي بن ارتق وحكموه على أنفسهم ولم يجد فيها مالا فصادر جماعة الخدم وصانع بمالهم الافرنج حتى صار إلى ماردين بنية العود إلى حمايتها واستخلف عليها ابنه حسام الدين تمرتاش وانقرض ملك رضوان بن تتش من حلب والله سبحانه وتعالى أعلم.

.هزيمة طغركين أمام الافرنج.

كان ملك الافرنج بغدوين صاحب القدس قد توفي سنة اثنتي عشرة وقام بملكهم بعده القمص صاحب الرها الذي كان أسره جكرمس وأطلقه جاولى كما تقدم في أخبارهم وبعث إلى طغركين في المهادنة وكان قد سار من دمشق لغزوهم فأبى من اجابته وسار إلى طبرية فنهبها واجتمع بقواد المصريين في عسقلان وقد أمرهم صاحبهم بالرجوع إلى رأي طغركين ثم عاد إلى دمشق وقصد الافرنج حصنا من أعماله فاستأمن إليهم أهله وملكوه ثم قصدوا أذرعات فبعث طغركين ابنه بوري لمدافعتهم فتنحوا عن أذرعات إلى جبل هناك وحاصرهم بوري وجاء إليه أبو طغركين فراسلوه ليفرح عنهم طمعا في أخذهم فاستماتوا وحملوا على المسلمين حملة صادقة فهزموهم ونالوا منهم ورجع إلى دمشق وسار طغركين إلى أبي الغازي بحلب يستنجده فوعده بالنجدة وسار إلى ماردين للحشد ورجع طغركين إلى دمشق كذلك وتواعدوا للجبال وسبق الافرنج إلى حلب وكان بينه وبين أبي الغازي ما تذكره في موضعه من دولة بني ارتق والله سبحانه وتعالى ولى التوفيق لا رب غيره.

.منازلة الافرنج دمشق.

ثم اجتمع الافرنج سنة عشرين وخمسمائة ملوكهم وقمامصتهم وساروا إلى دمشق ونزلوا مرج الصفر وبعث أتابك طغركين بالصريخ إلى تركمان بديار بكر وغيرها وخيم قبالة الافرنج واستحلف ابنه بوري على دمشق ثم ناجزهم الحرب آخر السنة فاشتد القتال وصرع طغركين عن فرسه فانهزم المسلمون وركب طغركين واتبعهم ومضت خيالة الافرنج في اتباعهم وبقي رجالة التركمان في المعركة فلما خلص إليهم رجالة الافرنج اجتمعوا واستماتوا وحملوا على رجالة الافرنج فقتلوهم ونهبوا معسكرهم وعادوا غانمين ظافرين إلى دمشق ورجعت خيالة الافرنج من اتباعهم منهزمين فوجدوا معسكرهم منهوبا ورجالتهم قتلى وكان ذلك من الصنع الغريب.

.وفاة طغركين وولاية ابنه بوري.

ثم توفي أتابك طغركين صاحب دمشق في صفر سنة اثنتين وعشرين وكان من موالي تاج الدولة تتش وكان حسن السيرة مؤثرا للعدل محبا في الجهاد ولقبه ظهير الدين ولما توفي ملك بعده ابنه تاج الدولة بوري أكبر أولاده بعهده إليه بذلك واقر وزير أبيه أبي علي ظاهر بن سعد المزدغاني على وزارته وكان المزدغاني يرى رأي الرافضية الاسماعيلية وكان بهرام ابن أخي إبراهيم الاستراباذي لما قتل عمه إبراهيم ببغداد على هذا المذهب لحق بالشام وملك قلعة بانياس ثم سار إلى دمشق وأقام بها خليفة يدعو إلى مذهبه ثم فارقها وملك القدموس وغيره من حصون الجبال وقابل البصرية والدرزة بوادي من أعمال بعلبك من أعمال سنة اثنتين وعشرين وغلبهم الضحاك وقتل بهرام وكان المزدغاني قد أقام له خليفة بدمشق يسمى أبا الوفاء فكثر اتباعه وتحكم في البلد وجاء الخبر إلى بوري بأن وزيره المزدغاني والاسماعيلية قد راسلوا الافرنج بأن يملكوهم دمشق فجاء إليها وقتل المزدغانيو نادى بقتل الاسماعيلية وبلغ الخبر إلى الافرنج فاجتمع صاحب القدس وصاحب انطاكية وصاحب طرابلس وسائر ملوك الافرنج وساروا لحصار دمشق واستصرخ تاج الملك بالعرب والتركمان وجاء الافرنج في ذي الحجة من السنة وبثوا سراياهم للنهب والاغارة ومضت منها سرية إلى خوارزم فبعث تاج الدولة بوري سرية من المسلمين مع شمس الخواص من أمرائه لمدافعتهم فلقوهم وظفروا بهم واستلحموهم وبلغ الخبر إلى الافرنج فأجفلوا منهزمين وأحرقوا مخلفه واتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون والله تعالى ولى التوفيق.